الهاربون من النكد كثيرون
والهاربون من الفرح أكثر !!
هل يمكن للمرء أن يهرب من الفرح ؟
نعم .. إنهم كُثر
الناقمون على وظائفهم وهم لا يملكون تغييرها ؛ يقتاتون التعاسة كل يوم دون جدوى ؛ أولئك اختاروا حزنهم بأيديهم مهما وضعوا من مبررات.
والذين يعيشون المعاناة بأشكالها المختلفة مع شركاء حياتهم ويقضون بالقهر شهورهم وسنينهم ؛ في حين لا يستطيعون تغيير مصدر شقائهم أولئك اختاروا الهموم طوعاً لطريقهم .
أنا ضد الصبر الذي يستطيع صاحبه تغيير مصدر شقائه .. والصبر من وجهة نظري يكون فقط للأحداث القدرية التي لا يملك الإنسان تغييرها كالموت والمرض والابتلاء في المال والأهل والولد ... في كل شيء لا نستطيع تغييره.
أما الأمور التي نملك الخيار أمامها في التبديل أو التعديل أو التغيير فلا .. وألف لا للصبر معها ..
إن قاتل نفسه مجرم في حق هذه النفس لأنه لا يملك تلك الروح ليحكم عليها بالانتهاء والتوقف .. أليس في قبول الألم والمعاناة في ظل القدرة على التغيير حكماً على تلك النفس بالموت ؟ أليس في حياة الشقاء طريق بطيء للموت؟ لا تنسوا أن الإحساس بالمعاناة مسألة نسبية لا يقدر حجمها غير صاحبها وبالتالي هو وحده صاحب الحق في الاختيار (مجرد وجهة نظر شخصية)
معاناتك أمامها طريقان للمغادرة لا ثالث لهما.
إما احتضانها في حالة أنك لا تملك القدرة على تغييرها وبالتالي قبول وجودها برضا وفرح .... نعم برضا وفرح.
أو استئصالها بشجاعة ؛ والتوجه للسير في بدايات جديدة .. أيضاً بفرح ورضا
حين تستشيرني إحداهن في حياة التعاسة التي تعيشها مع شريك حياتها وهي لا تملك أدنى درجات القوة في الانسحاب سواء مادياً أو معنوياً أو اجتماعياً ؛ أقول لها
" احتضني هذه التعاسة بحب واقبليها كما تقبلين الهواء والماء واعتبري وجود هذا الرجل في حياتك بلا أي خيارات أخرى مثل تماماً قبولنا لآبائنا وأمهاتنا .. فنحن لم نختارهم .. ولكن لا تعيشي معه وأنتِ تتنفسين القهر؛ لأنه موت بطيء .. إما أن تقبليه برضا أو ترفضيه بشجاعة ورضا أيضاً.."
الإنسان مسؤول عن ذاته .. عن روحه التي داخله بالدرجة الأولى .. ثم عن الآخرين أياً كانت مكانتهم وأهميتهم في حياته ؛ هذه ليست أنانية بل إنها إحدى علامات الوعي ؛ فكيف يمد يد العون من يقف فوق أرض هشة ؟؟
أنقذ نفسك أولاً.
ثم أنقذ من شئت .. وكيفما شئت.
إن معرفتنا بالأسباب التي تجر لنا الشقاء أهم من معرفة الأمور التي تجعل حياتنا مريحة سعيدة ، لأننا إن تخلصنا من الشقاء سوف نشعر بالسعادة حتماً دون شك.
الأشخاص العظماء عادة ما تبدو تصرفاتهم في حياتهم غير عادية وكثيراً ما يقومون بأعمال تبدو مملة للآخرين وربما غريبة أو غير منطقية ؛ ولكنها تجلب لهم السعادة وهذا هو المهم طالما أن ما يفعلونه هو من أمور حياتهم الخاصة بعيداً عن الأذى والضرر لأنفسهم أو لغيرهم
علينا ألا نخشى البدايات الجديدة إذا كانت هي المخرج الذي نعتقده الأفضل في إنهاء معاناتنا ؛ فالقلق والخوف لا يجرّد الغد عن مآسيه لكنه يجرّد اليوم من أفراحه .